ارباك خطوط مواصلات ايران البحرية- الحلقة / 17
6 فبراير , 2017
بعضاً من ادوار اسلحة الجو العراقية في الحرب مع ايران
1980 – 1988
ارباك خطوط مواصلات ايران البحرية
د علوان العبوسي
6 / 2 /2017
الحلقة /17
يعتبر الخليج العربي المنفذ الاقتصادي المهم لايران امتدت على سواحله الشرقية (3180)كلم العديد من منشآتها الاقتصادية و الحيوية الاستراتيجية التي تعتبر احدى ركائز امنها القومي ، ففي عام 1981 ظهرت الحاجة الى معالجة السفن الايرانية والاجنبية التي تقوم بنقل النفط والاسلحة والمعدات والبضائع الى الموانىء الايرانية الممتدة على طول سواحلها التي تديم ألتها العسكرية ، في هذا السياق طلبت قيادة القوة البحرية العراقية من قيادة القوة الجوية اسناد عملياتها البحرية تجاه هذا السفن والناقلات الايرانية وذلك لعدم استطاعتها التصدي الايجابي لها بسبب طول السواحل الايرانية ومحدودية مجال عمل قدرتها البحرية وقد اقتنعت القيادة العامة للقوات المسلحه بهذا الطلب .
ان معالجة الاهداف البحرية يعتبر جديد في استخدامات القوة الجوية العراقية عليه رافقته العديد من المشاكل والاجتهادات في بداياته ادت الى احداث خسائرغير مقبولة بالقوة الجوية ، فقد استخدمت في البداية الطائرات السمتية ( السوبر فرلون) التابعة للقوة البحرية العراقية ببعض واجبات تلغيم السواحل والممرات الملاحية الايرانية و التعرض المحدود للسفن الايرانية باستخدام صواريخ ( الاكزوسيت ) مع طائرات الميج/ 21 التي كلفت بمهام الاستطلاع الجوي المسلح فوق مياه الخليج العربي المقابله للسواحل الايرانيه القريبة بعد تسليحها بصواريخ حره جو – سطح نوع C5K عيار 57 ملم بطريقة الصيد الحر من الارتفاعات المنخفضة (100 -300 )متر ولكن هذا الاسلوب لم يعط نتائج جيده بل اعطى خسائر بالطيارين والطائرات ، وقد ادركت قيادة القوة الجوية ذلك ثم أناطت هذه الواجبات للسرب 109 سوخوي/ 22 من قاعدة الوحدة الجوية بنفس نوع الصواريخ السابقة ولكن بعدد صواريخ اكثر(4 × 16 صاروخ لكل طائرة )او (4 × 32 صاروخ لكل طائرة ) وقد حققت هذه الطائرات بعض النتائج الايجابية لكنها بالمقابل ادت الى خسائر غير مقبولة بالطيارين والطائرات اسبابها فنيه تتعلق بمحدوديات منظومة اطلاق الصواريخ وأخرى تكتيكية اهمها عدم قدرة هذه الصواريخ على احداث التاثير المطلوب وبالتالي لم تؤد الى اغراق السفينة او احداث أضرار بليغة بها .
وقد شكّت قيادة القوه البحرية ذلك الى قيادة القوة الجوية بعدم تاثير الضربات الجوية على حركة الملاحة الايرانية من خلال استراق المعلومات من الاجهزه اللاسلكية الايرانية وقد حدث جدل عقيم بين القيادتين لم يؤد الى تغيير اسلوب الاستخدام المتبع انذاك (1) .
استئجار طائرات السوبراتندار (الاسباب)
في شباط ( فبراير) 1982 طلب العراق من شركة مارسيل داسو المنتجة لطائرات الميراج ف1 ، تزويده باعداد جديدة منها بعد تحويرها كي تتمكن من اطلاق صواريخ جو- بحر اكزوسيت ( AM-39) الموجه رادارياً والخاصة بقتال السفن البحرية ، (وجدير بالذكر ان العراق قد ابتاع هذا الصاروخ من فرنسا منذ عام 1978 لتسليح طائرات السوبر فريلون ).
في ذات الشهر تم التوقيع على عقد مع شركة داسو الفرنسية لتزويد العراق ب 20 طائرة ميراج F1 EQ5 ذات القدرة على اطلاق صواريخ اكزوسيت ، كان برنامج انتاج وتطوير هذه الطائرات يتطلب بعض الوقت كي يتم تنفيذه ، بل انه تأخر قليلاً ، الأمر الذي يعني ان موعد البدء بتسليم هذه الطائرات سوف لن يكون الا في نهاية عام 1984.
لذا فان الفريق المهندس الدكتورعامر رشيد طلب من فرنسا ان تؤمن حلا موقتاً لهذه المعظلة لاحداث التوازن الاستراتيجي في الحرب مع ايران ، وذلك من خلال تزويدهم بطائرات سوبر اتندارد الفرنسية المجهزة بصواريخ اكزوسيت AM39 والموجودة فعلا في خدمة الاسطول الفرنسي مدركا نجاح فعاليته اثناء حرب الفوكلاند ، عندما استخدمت البحرية الأرجنتينية هذا السلاح ضد السفن البريطانية.
في بداية عام 1983 وصل وفد عراقي برئاسة السيد طارق عزيز لذات الغرض ، حيث التقى بالرئيس الفرنسي فرانسوار ميتران وقد قام وزير الدفاع الفرنسي اثناء هذه المفاوضات بالضغط بشكل مباشر على الرئيس ميتران كي يصدر أوامره للاسراع بلاستجابة الى طلب العراق ، وقد وافق ميتران شخصيا على تسليم العراق خمسة طائرات من نوع سوبر اتندارد ( من دون تجهيزات اطلاق الأسلحة النووية) ، بالاضافة لتدريب وتهيئة الكوادر العراقية اللازمة لتشغيل هذه الطائرات في فرنسا ( طيارين وفنيين) ضمن عملية اطلق عليها اسم ( ميلان) ، وعليه تم القرار على تاجير العراق بخمسة منها لفترة محدودة ، على ان تكون من النوع القادر على حمل واطلاق صواريخ اكزوسيت AM 39 ، وتم توقيع عقد التاجير مع السفارة العراقية في باريس يوم 27 مايس 1983 بضمنه تدريب ستة طيارين و 37 مابين مهندس وفني من القوة الجوية العراقية للفترة من 20 حزيران(يونيو) – 16 أيلول(سبتمبر) 1983 في قاعدة طيران البحرية الفرنسية .
وصلت الطائرات العراق في 8 تشرين الاول ( اكتوبر) 1983 وهبطت في قاعدة صدام( القيارة ) الجوية ، حيث تم اجراء عدد من التدريبات في هذه القاعدة (وجرى التركيز على الاستخدام القتالي الليلي ) استمرت حتى آذار 1984 ، ثم بوشر الطيران العملي في الخليج العربي من قاعدة الوحدة ( الشعيبة ) الجوية ، وقد تم تنفيذ الضربة الجوية الاولى ضد احدى ناقلات النفط الايرانية في 27 آذار ( مارس) 1984 جنوب جزيرة خرج ، وبسرية تامة لكي لايكشف استخدامها من قبل ايران .
في أيلول 1984 استشهد احد طياري السوبر اتندار هو النقيب الطيار كمال حسين كاظم حيث انحدرت طائرته نحو مياه الخليج وارتطمت به بسبب سوء الاحوال الجوية .
في نهاية عام 1984 تم بنجاح تحوير طائرات الميراج F1EQ5 وأجريت التجارب الأولى لاطلاق صاروخ اكزوسيت في فرنسا ، وفي بداية عام 1985 سلمت اول وجبة من هذه الطائرات الى العراق وبوصولها انتهى واجب طائرات السوبر اتندار في العراق، في نيسان ( ابريل) 1985عادت الطائرات الاربعة المتبقية من قاعدة الوحدة الى قاعدة صدام ومنها الى فرنسا .
وقد واصلت هذه الطائره مهامها الناجحه ضد السفن الايرانية بعد اجراء عدد من التحسينات على منظومة اطلاق الصواريخ وجعلها اكثر امكانية لمعالجة التشويش والاجراءات اللالكترونية المضاده التي تحد من دقة اصابتها (2) .
بالنظر للحاجة الملحة للقيام بواجبات جو – سطح ضد السفن الايرانية ولمديات بعيده في عمق الخليج العربي اقترح العراق على فرنسا تحوير طائرة( الفالكون 50) لحمل صاروخين ( اكزوسيت ) وتدريب الطيارين عليها وقد وافقت فرنسا على ذلك واصبحت مقصورة الفالكون مؤلفه من جزئين الايمن اشبه بمقصورة الميراج والايسر مقصورة الطائرة الاعتيادية …وقد نفذت هذه الطائره التي اطلق عليها الاسم الرمزي (اليرموك ) العديد من المهام الناجحة لمسافات بعيدة وكان احدى هذه الواجبات إصابة الفرقاطة الامريكية ( ستارك )بصاروخين عندما كانت داخل منطقة الحضر الجوي المعلن عنها .
الصواريخ الصينية C601 جو – سطح (سلك وورم). استخدمت الصواريخ الصينية جو – سطح من الطائرات القاصفة (B6D) وهي طائرة قاصفة صينية ثقيلة ونسخه مُطوره من القاصفة الروسية (تي يو/16)مجهزة بمنظومة ملاحية واجهزة تسديد امريكية مع رادار كشف واطلاق حديث ، بامكان الطائرة حمل نوعين من الصواريخ (C601 ) و(C611 ) لمعالجة السفن من مدى (100-200) كلم بحمولة صاروخين ، تبلغ الكتلة التدميرية لكل صاروخ 500 كلغم ، و تامين دقة اصابة حوالي 80% وقد نفذت الكثير من الواجبات من قبل طياري السرب العاشر من قاعدة تموز الجوية باتجاه اهداف تصل الى 1200 كلم في عمق الخليج العربي بداً من السواحل المقابلة لجزيرة خرج ولافان وسري وبندر عباس وبوشهر وحتى اعماق مضيق هرمز ، تميزة واجبات هذه الطائرة بالدقة العالية في الطيران والوصول الى اهدافها اضافة الى تحقيق اعلى دقة أصابة ممكنة ناهيك عن المطاولة والشجاعة الفائقة من قبل الطيارين والملاحين الذين ابلو بلاءً حسناً رغم الوهن الشديد لطائرتهم تجاه اي تهديد جوي ايراني محتمل (والسبب هو قلة سرعة الطائرة 550 -600 كلم /ساعه ، الارتفاع المنخفض 50متر فوق مياه الخليج العربي ليلاً لغاية مسافة عرضية تبعد 250 كلم عن الاهداف الايرانية ، ثم التسلق الى 1000 متر والبحث عن الهدف لحين اكتشافة والتسديد ثم الاطلاق ثم الانحدار للارتفاع المنخفض باتجاه العودة للقاعدة الام ، عدم توفر اية وسائل حماية سلبية / ايجابية وبدون غطاء جوي . غالبا ما تكون الاجواء رديئه فوق الخليج العربي لاسيما بالارتفاعات المنخفضة ثم الوهن الشديد للطائرة بسبب حجمها الكبير وضعف مناورتها وبُعد مسافة الاهداف المعادية عن القاعدة حيث تستغرق غالباً اربع ساعات في الذهاب والعودة مما يجعلها هدفاً سهلا تجاه المتصديات الايرانية ولكن دقة التخطيط وتوخي الهدف والتدريب الجيد وارتفاع معنويات الطواقم القتالية للطائرة وتحقيق عامل الامن كلها عوامل ادت الى نجاح المباغتة وضمان دقة التنفيذ وتدمير الهدف) .
الصواريخ الليزرية AS .30 . استخدمت هذه الصواريخ المخصصة لقصف الاهداف الارضية ضد السفن البحرية وناقلات النفط العملاقة لدقة اصابتها وتوثيقها والتاكد بصورة قاطعة من تدمير الهدف ، استخدمت من طائرات الميراج ف1 من الارتفاع المنخفض ثم السحب الى الاعلى واطلاق الصاروخ من مسافه (8-12 ) كلم عن الهدف باستخدام كاميرا الحاوية الليزرية المحمولة بالطائرة ، وقد استخدمت بشكل واسع وحققت اصابات دقيقة لكافة انواع الاهداف البحرية ( اشرت الى ذلك آنفاً في بند القصف الاستراتيجي العميق).
السياقات التي استخدمتها القوة الجوية العراقية في التصدي للسفن البحرية الايرانية
لقد جرى تحديد ( منطقة محرمة ) في الخليج العربي محاذيه للساحل الايراني ضمن احداثيات جفرافية دقيقة معززة بنقاط دلالة بحرية ثابتة ، ثم الاعلان عنها بوسائل الاعلام المختلفة الرسمية وشبه الرسمية وتم تحذير السفن بالابتعاد عنها والا تكون عرضة لنيران القوة الجوية والبحرية العراقية ،( السياق المتبع في معالجة الاهداف البحرية فيتم على ضوء المعلومات الاستخبارية الواردة من المخابرات العامة / الاستخبارات العسكرية / قيادة القوة البحرية ، التي توضح حركة السفن المغادرة والقادمة الى الموانىء الايرانية وأشعار قيادة القوة الجوية – العمليات قبل فتره تتراوح بين 12- 24 ساعه او اكثر عندها تقوم هيئة الركن المعنية متابعة حركة هذه السفن وتعيين مواقعها بشكل مستمر ( بحساب السرعة والمسافة والاتجاه ، في ذات الوقت يتم ارسال أمر تكليف ( كواجب مدبر )الى القاعدة المعنية التي تتمركز بها طائرات الميراج او السوخوي 22 او القاصفات (B6D ) ، في القاعده يقوم آمر القاعدة مع آمر جناح الطيران وآمر السرب المعني بايجاز الطيارين المنفذين للواجب وارسال التوقيتات الى عمليات قيادة القوة الجوية ، حيث تقوم هيئة ركنها المتابعة والتنسيق مع عمليات الدفاع الجوي منذ الاقلاع وحتى التنفيذ ولحين عودة الطائرات الى قواعدها .
المصادر
– اللواء الطيار علوان العبوسي : القدرات والادوار الاستراتيجية لسلاح الجو العراقي للفترة 1931- 2003
- اللواء الطيار صلاح اسماعيل الولي
اترك تعليقك