حرب احتلال العراق – 2003 الحلقة الرابعة
1 أبريل , 2018
المرحلة الرئيسة الثالثة ( 26 – 31 آذار /مارس 2003 )
د علوان العبوسي
1 /4 / 2018
استكمالا للحلقات 1- 3 نبدئ في هذه الحلقة إيضاح الدور الرئيس الثالث لقوات التحالف ضد القوات العراقية تمهيدا الوصول الى بغداد هدف الحرب الاستراتيجي
كما اشرنا في الحلقة السابقة فقد هبت يوم 25 آذار ( مارس ) 2003 عاصفة رملية شديدة لم يشهد مثلها العراق منذ أمد بعيد انخفضت فيها مدى الرؤيا الى الصفر بحيث عرقلت تقدم القوات البرية المعادية لعدم توفر الاسناد الجوي الذي هو الاخر لم يتمكن من تقديم الاسناد في مثل هكذا مدى رؤيا واستمرت العاصفة ثلاثة ايام بلياليها ، انتهزت قوات التحالف ذلك وطلبت قوات أسناد إضافية من الولايات المتحدة وسعت الى اعادة تنظيم وتامين خطوط التموين التي تتعرض الى عمليات المقاومة العراقية وفي نفس الوقت اعلن عن توقف العمليات العسكرية كوقفة تعبويه لمدة اربع ايام ولكن اتضح انه خدعة استراتيجية من خدع الحرب لأنه في يوم 26 آذار وصلت قوة الاحاطة والتطويق مدينة كربلاء واستمرت في تقدمها باتجاه بغداد يصاحبها قصف جوي وصاروخي لمدينة بغداد من الارتفاعات العالية دون ان تتأثر بمدى الرؤية ، في هذه الاثناء ظهر خلاف بين وزير الدفاع ( دونالد رامسفيلد ) وقائد القوات المركزية الامريكية ( تومي فرانكس ) حول طلب الاخير قوات إضافية وتأجيل استمرار العملية الهجومية الاستراتيجية حتى يتم اعادة التخطيط مجدداً خاصة بعد تعثر المفاوضات الامريكية – التركية ، كما انتقد قائد القوات البرية لقوات التحالف يوم 29 آذار التخطيط الاستراتيجي للعمليات واعتبره فاشل وبين انه تم تدريب قواته على اساليب مخالفة لما يدور الان ، في نفس الوقت أعلن وصول تعزيزات الى منطقة الخليج الى آخر ذلك من الانتقادات وصلت حد المهاترات بين القيادة العسكرية في واشنطن والقيادات العسكرية الوسطية والميدانية ، وتبين لاحقاً انها كانت تدور وفق خطة خداع استراتيجي تهدف الى دفع القوات العراقية الى حالة الاسترخاء .
الاتجاه الاستراتيجي الجنوبي ( المرحلة الثالثة)
قوات التحالف
بالرغم من المقاومة الشديدة التي ابدتها قوات الفيلق الثالث الباسلة تجاه القوات الامريكية فقد استمرت قوة الضغط المباشر لقوات التحالف استكمال مهمتها في التطويق واحكام السيطرة على ام قصر والفاو والزبير والبصرة لكنها لم تدخلها .
القوات العراقية
أستمرت القوات العراقية في تماسكها البطولي بين كر وفر تجاه عدو قوي معاصر مدعم بكل أنواع الاسلحة والمعدات المتطورة ، لذلك نجد عدم استسلام اي من عناصر الفيلقين الثالث والرابع او من القوات شبه العسكرية واستمرت الجهود للاسترجاع المواقع التي فقدتها وبشكل مستمر ، ففي يوم 27 آذار قامت قوات الفيلق الثالث الممثلة بالفرقة 51 البطلة بهجومين مقابلين باتجاه جنوب الفاو وام قصر ناهيك عن المقاومة في باقي المدن خاصة البصرة .
في اطار الضغط النفسي المعادي على مواطني الجنوب قامت قوات التحالف بتدمير مستودعات الغذاء في محافظة البصرة التي تحتوي على80 الف طن غذاء أضافة الى صمود القيادة العسكرية العراقية الجنوبية فيها وما حولها ، كما شكلت معركة الناصرية مثالا للمقاومة والصمود حتى يوم 31 آذار 2003 ، وقد قامت القوات العراقية في استمرارها بمحاولة عرقلة تقدم قوات التحالف نحو قضاء الشطرة أضافة الى استمرار تنفيذ العمليات الفدائية ضد قوات التحالف في بادرة اذهلت الاعداء رغم محدودية ونوع القوات العراقية وهم يدافعون عن بلدهم وشرفهم لقد اثبت الفريق الاول الركن على حسن المجيد القائد السياسي للمنطقة الجنوبية حسن ادارته للمعركة خلافا للقادة السياسيين الاخرين وقد يدل ذلك على قربه الزائد من القوات العسكرية ومعرفته بشؤونها بعد ان شغل منصب وزيراً للدفاع اثناء فترة الحصار الشامل .
تمركز البعض من مقاتلي القوة البحرية كمشاة ومعهم لواء من قوات الحدود على شكل مجاميع دفاعية بمستوى السرية في عدة أماكن على طريق الفاو – البصرة ( 140) كلم ، ورغم تفوق العدو فنياً فلم يتمكنوا من الوصول الى جنوب البصرة عبر منطقة حمدان ، الا بعد أن قاتلتهم أيادي عراقية شريفة وقد تكبد الغزاة الكثير من الخسائر على هذا المحور، قاتلهم قرب حمدان وأبي الخصيب المواطنون من أهالي المنطقة ومعهم أبطال جيشهم الباسل مقاتلو اللواء الالي /31 ولواء المغاوير الثالث وقطعات البحرية ولواء الحدود للفترة 27/3- 5/4/ 2003 .
فجر 28 /3 / 2003 قاتل العدو بضراوة الشجعان في لواء الالي/31 من الفرقة /51 ومعهم لواء المغاوير الثالث من الفيلق الثالث ولم يتمكن العدو دخول البصرة الا بعد 5/4/2003 ، اما على جانب جبهة الزبير وشط العرب والمطار فان المعارك مازالت قوية بين الحق والباطل (1) .
فرقة المشاة/18 وبشكل سريع تمكنت من احتلال مواضعها الدفاعية خلف شط العرب للدفاع عن النهر بغرض منع العدو البريطاني من الوصول الى البصرة ، كما استمرت معارك عديدة رغم التفوق العدو جواً وبراً لكنه لم يتمكن الوصول الى شط العرب من اتجاه الزبير والطوبة من طريق المرور السريع لصلابة دفاعات الفيلق الثالث خاصة فرقة المشاة / 18 بإسناد فرقة البصرة من جيش القدس والفدائيين ، استمرت المعارك ليلاً ونهاراً استهدف العدو بطائراتهم وصواريخهم ومدفعيتهم اهدافاً عديدة داخل البصرة مما ادى الى استشهاد العشرات من المواطنين الابرياء نتيجة القصف ، لقد كان البصريون يداً واحدة مع قطعات جيشهم الباسل تصدوا بكل شموخ وكبرياء للبريطانيين ، ولهذا فوجئ العدو بهذا التلاحم الرائع بين الشعب وقواته المسلحة في محافظتي البصرة والناصرية .
تعرضت فرقة المشاة/18 لقصف جوي ومدفعي مكثف ومستمر لغرض التأثير عليها وذلك لمرو عشرة ايام ( لغاية 30/3/2003 ) دون ان يتمكنوا الوصول الى ضواحي البصرة ، لهذا شنوا هجمات برية عديدة بإسناد جوي غير اعتيادي وبعد قتال ضاري تمكن الغزاة من السيطرة على ما يأتي( جسر الزبير، جسر محمد القاسم ، جسر طريق المرور السريع على شط العرب ، جسر المعدان ، جسر كي 44 ) (2) .
المحمولين جوا
في يوم 30 / 3 / 2003 ولغاية 2 / 4 / 2003 بدأ العدو البريطاني انزال قطعات محمولة جواً في مناطق الشلامجة والسويب وشمال حقل الرميلة الشمالي لغرض التأثير على القوات العراقية في البصرة ، في نفس الوقت انزال قوات شرق العمارة في المشرح والطيب وتلول البند باستخدام السمتيات بشكل مكثف بإسناد الطائرات المقاتلة (معظم هذه العمليات تكون بشكل موقت في المواقع يتم نقلها الى مواقع اخرى بوقت لاحق )، ولا تتواجد قطعات عراقية بمناطق الانزال(3).
المحمولين جواً في الشلامجة والسويب وحقول الرميلة الشمالي، وانزال قوات شرق العمارة والطيب
يذكر الفريق الركن رعد مجيد الحمداني قائد فيلق الفتح المبين في كتابه قبل ان يغادرنا التاريخ ما يلي (لقد واجهت القوات الامريكية مقاومة عنيفة على اطرافها لحين عبورها نهر الفرات في منطقة سوق الشيوخ حيث استقبلت بمقاومة عنيفة كبدتها خسائر مختلفة وعدد من الاسرى …ثم قامت قوات المارينز الامريكية بقيادة الجنرال – (جيمس ما كوي) – عبور آخر عند منطقة الشطرة ، في حين استمر الفيلق الخامس بقيادة – الفريق (وألاس) – غرب الفرات على امتداده نحو محافظة المثنى- السماوة – ، وكانت الارتال الامريكية عبارة عن قوات مختلطة من الدبابات وعجلات القتال المدرعة تساندها طائرات الهليكوبتر مقاتلة الدروع الأباتشي وطائرات اف 16 المقاتلة ، في ذات الوقت كانت القوات الجوية تدك اهدافها في بغداد خاصة قوات الحرس الجمهوري المدافعة جنوبها ، لقد كانت قواتنا تتعرض الى سلسلة مستمرة من الغارات الجوية لا ضعافها ماديا ومعنوياً ، ومن الاهداف الاولية التي حققتها قوات التحالف حتى هذه المرحلة الاستيلاء على 600 من آبار النفط الجنوبية سالمة ، اما في ام قصر والمناطق الجنوبية من محافظة البصرة فالقتال لايزال مستمر على اشده وقد اعلن رسمياً في العراق ان الذين يقاتلون في هذه المدن الحدودية منحو لقب الابطال الوطنيين ، ذات الوقت علق الرئيس الفرنسي (جاك شيراك) للصحافة الفرنسية على هذا الموقف من القتال جنوب العراق – أن الأمريكان لم يقدروا جيداً الوطنية العراقية – )، ويذكر ايضاً الفريق رعد الحمداني ، القتال مستمر في الجنوب بمناطق ابو الخصيب والزبير حيث كانت الفرقة المدرعة /6 والالية /51 من الفيلق الثالث تقاتل بضراوة وكذلك فرقة المشاة / 11 في الناصرية الا ان القوات الامريكية تركت لمعالجة الموقف وباقي القوات الامريكية الاخرى واستمرت في خط سيرها حسب خطتها لتندفع نحو الشمال تاركة المدن لتسقط دون قتال كما كان معول لقتال المدن حسب خطط دفاعنا (قتال المدن ) .
المنطقة الوسطى العراقية ( ضمن الاتجاه الاستراتيجي الجنوبي )
قوات التحالف
قوة الضغط المباشر . أستمرت قوات الفيلق الخامس الامريكي ( قوة الضغط والاحاطة والتطويق ) في استكمال مهمتها باتجاهي الناصرية والكوت فقد قامت قوة الضغط المباشر يوم 26آذار(مارس) بقصف بعض الاهداف المدنية في المدينتين خاصة بعد ان اعلن العراق ان عناصر من الفدائيين اليمنيين والفلسطينيين والشيشانيين والافغانيين تشترك في القتال ضد القوات الامريكية ، وبغرض أحكام السيطرة على الناصرية ، وقد تم أسناد القوات الامريكية هناك بنحو 5000 جندي ومع ذلك لم تنجح هذه القوات أحكام السيطرة على سوق الشيوخ والناصرية لكنها نجحت من دفع عناصر من الفرقة الاولى ( مارينز ) عبر جسور ميدانية على نهر الفرات الى الضفة الشرقية من النهر باتجاه الشطرة ووجهة بمقاومة شديدة جداً كبدتها خسائر جسيمة ولكن مع قوة الاسناد الاخيرة والقوة الجوية فقد حققت نجاح بعزلها واحاطتها ثم التقدم الى الكوت ، في 30 آذار/ مارس وصلت مفارز من الفرقة الاولى مارينز الكوت وبدأت الاشتباك مع القوات النظامية العراقية المدافعة عن الكوت حتى وصول باقي قوات الفرقة في نهاية 31 آذار 2003 .
قوة الإحاطة والتطويق .نجحت قوة الاحاطة والتطويق في تنفيذ مهمتها في كل من السماوة والنجف وكربلاء وبذلك تحددت ملامح التقدم نحو بغداد ، حيث وصلت مفارزها الامامية الى أهدافها متزامنة مع وصول الفرقة الثالثة مارينز الى اهدافها في 30 آذار واستمرت في تقدمها على محاور السماوة – الريشة باتجاه الديوانية وحاصرت النجف وكربلاء في نفس الوقت القوات الجوية الامريكية مستمرة بقصف الدفاعات الجوية وقوات الحرس الجمهوري في بغداد تمهيداً لبدء المرحلة النهائية من المعركة ، في 31 آذار(مارس) وصلت طلائع الفرقة الثالثة الديوانية والهندية حيث شهدتا المدينتين قتالا شرساً مع قوات الحرس الجمهوري ، في نهاية يوم 31 منه واصلت عناصر الفيلق الخامس الامريكي تقدمها المنتظم باتجاه بغداد بإسناد جوي مكثف (4) .
القوات العراقية
معارك ضارية حول محافظة الناصرية كما استمرت القوات شبه العسكرية بعمليات الاغارة والكمائن على محاور تحرك قوات التحالف ، كما استمرت المقاومة في كربلاء والاشغال المدفعي لقوات التحالف باتجاه الديوانية والهندية وعلى محاور الكوت – بغداد ، اعلن العراق بلوغ عدد المتطوعين من الدول العربية الى 5000 متطوع انضم معظمهم الى دفاعات بغداد ، في شهادة الفريق الركن رعد الحمداني قائد فيلق الفتح المبين حرس جمهوري ( عند تقرب العدو من مناطق انتشار قواتي كنت اعّول على دوريات الاستطلاع العميق 200 كلم في مناطق محافظة النجف على محور الفرات وجنوب محافظة الكوت – واسط – على دجلة وشمال محافظة الديوانية – القادسية – على المحور الوسطي ، بسبب ضعف المعلومات المتوفرة لنا او عدمها بالمطلق ، وعليه تم التركيز على دفع كمائن المدفعية عيار 155 ملم و130 ملم تشاغل اهدافها بدون إجراء عمليات تصحيح الرميات للحيلولة دون استمكانها وتدميرها بطيران العدو ، كل ذلك افتراضات مسبقة لمقتربات العدو وكذلك كمائن للدفاع الجوي التي لا نملك منها سوى القليل والقديم لمقاتلة هيلوكوبترات العدو خاصة على محور الفرات الذي كان ضمن تخميني الشخصي هو المحور الاساسي للجهد الامريكي ، منها 18 كمين ما بين محافظتي النجف وكربلاء غرب الفرات ، وخمس كمائن على محور دجلة (5) ، كذلك دفعنا 2 كمين عند جسر القائد الذي يربط منطقة جرف الصخر بمنطقة اليوسفية ضمن قوة حماية الجسر – وحدتين مقاتلة – وهذا الجسر كان مهيئ للتخريب ، وكان آمر القوة هو آمر حرس التخريب ، وقائد فرقة المدينة المنورة هو القائد المخول بالتفجير وكانت اوامري حاسمة – متي ما شعرت باقتراب العدو قم بتفجير الجسر – ، وكنت قد طلبت الموافقة من المرجع القيادي الاعلى تفجير الجسر حال اندلاع الحرب ، لكن الرئيس صدام حسين لم يوافق !!! ، مع زراعة حقول الغام ضد الدروع في المنطقة المحصورة بين الحافة الجنوبية الشرقية لبحيرة الرزازة وشمال محافظة كربلاء وقد اسميتها في تقريري – عنق الزجاجة الخطير – الذي تعبر منه القوات الامريكية نحو المطار الدولي غرب بغداد بكل سهولة لكن لم يستجاب لأسباب غير مبررة ، في حين توجيه الرئيس صدام حسين كان يقضي بعدم انفتاح اية قوة غرب نهر الفرات ، لكني كنت مضطراً لتجاوز هذا التوجيه ، إذ دفعنا عدداً كبيرا من الدوريات القتالية واللواء الالي / 14 من فرقة المدينة المنورة نحو كربلاء غرب الفرات ، وكذلك دفعنا اللواء /11 من فرقة نبو خذ نصر عبر منطقة الهندية وهذا اقصى ما يمكن التصرف بمساحة فيلقي البالغة 40 الف كم مربع ، وبالطبع يمكن للقوات الامريكية الحركة خارج تأثير اسلحتنا نحو الغرب بسهولة اذا ارادت تخطي دفاعاتنا ، لقد كنا مجبرين على ان لا نخرج بعيداً بقوات كبيرة ، اذا لا نستطيع القتال في المناطق المفتوحة والمكشوفة لعدم توفر غطاء جوي لنا (6) .
الكمائن القتالية على محاور تقرب القوات الامريكية
المراجع
- الفريق الركن ياسين فليح المعيني : مصدر سابق
- المصدر نفسه .
- المصدر نفسه .
- ). لواء / عثمان كامل حسين اخرين : حرب الخليج الثالثة :يوميات الحرب الامريكية المبرمجة على العراق .
- ). الكمين الواحد يتألف من مدفع مزدوج السبطانة عيار 23 ملم محمول على عجلة مدرعة ، زائد مفرزة سلاح سترلا بتوجيه حراري ، تسحب العجلة مدفع عيار 57 ملم .
- الفريق الركن رعد مجيد الحمداني : قبل ان يغادرنا التاريخ .
- ملاحظة : الخرئط من تصميم الاستاذ مهند عبد الجبار الشيخلي .
اترك تعليقك