ضرب محطة كهرباء مسجد سليمان
23 أكتوبر , 2016سم الله الرحمن الرحيم
(وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ)
صدق الله العظيم /القلم 45
ضرب محطة كهرباء مسجد سليمان
1. تمر هذه الايام المجيدة وقبل (36) عاما في تاريخ العراق العظيم هو الشهر التاسع ( أيلول – 1980) وبهمة عالية وثبات يوصل صقور القوة الجوية مهماتهم القتالية في عمق الاراضي الايرانية لتدمير منشاة العدو الاقتصادية والعسكرية وايقاع أكبر الخسائر وتدمير كل ما يستفاد منه العدو .
2.ففي يوم الثلاثاء المصادف ( 7 تشرين الاول 1980) كنت جالسا ومعي عدد من زملائي الطيارين في غرفة حركات القاعدة والتي تتواجد فيها الخرائط الخاصة بالموقف العام والخاص, وبجانب هذه الغرفة غرفة آمر القاعدة العقيد الطيار الركن سالم سلطان عبد الله البصو , كنا ننتظر الواجب القادم وقد استدعى آمر القاعدة الطيارين لتنفيذ احدى الواجبات القتالية , كان دوري للذهاب لتنفيذ الواجب وعند دخولي غرفة امر القاعدة نظر الي وقال (ق الواجب هذا مو الك) ولم اعرف ما هو نوع الواجب, فقلت له (سيدي هو دوري وانا انتظره) فقال لي (استدع أثنين من الطيارين لان هذا الهدف قريب وتنفيذه سهل ولقادة تشكيل احداث) , تم استدعاء اثنين من الطيارين وهم (الملازم الاول الطيار ط م ك والملازم الاول الطيار م س م) لتنفيذ هذا الواجب القريب من مدينة (الاحواز)وقد استلموا الواجب .
3. بعد مضي بحدود (نصف ساعة) تقريبا استدعاني آمر القاعدة من الغرفة المجاورة حيث بقيت فيها انتظر دوري , وعند دخولي الغرفة كان آمر القاعدة واقفا قرب الخريطة المثبتة على الجدار وقد وضع يده على الهدف وقال لي (ق هذا هو واجبك) فنظرت إلى موقع الهدف والذي كان بعيدا ووسط الجبال والوديان فقلت له (سيدي انا جاهز) , كان آمر القاعدة يختار لي الاهداف البعيدة والصعبة لكونه يعرفني بأنني سوف اصل إلى اي هدف يكلفني به بأذن الله تعالى ولخبرتي وثقته بي عالية جدا , وقد بلغني آمر القاعدة بأنه (ثلاث) تشكيلات من طائرات اسراب الهجوم الارضي من قاعدتي (علي وأبي عبيدة) ذهبت لضرب هذا الهدف ولم تستطيع الوصول اليه , بعد الاطلاع على موقع الهدف تبين أنه (محطة كهرباء مدينة مسجد سليمان) التي تغذي مدينة (مسجد سليمان والاقضية والنواحي والقرى المنتشرة في هذه المنطقة) , بعد ان كلفني امر القاعدة بتنفيذ هذا الواجب تم رسم الخريطة الخاصة بالهدف بشكل دقيق وتأشير كل دقيقة على الخريطة والمناطق المهمة على خط الرحلة وقراءة الخريطة بشكل دقيق جدا لكونه يقع بين سلاسل الجبال الشاهقة جدا والوديان الوعرة والسحيقة ولم تشاهد الارض لعتمتها لعدم وصول اشعة الشمس اليها .
4.ففي يوم الثلاثاء ( 7 تشرين الاول 1980) تم تكليفي بضرب (محطة كهرباء مسجد سليمان) بتشكيل مؤلف من طائرتين سوخوي-22 بقيادتي ( النقيب الطيار ق ر ع ورقم (2) الملازم الاول الطيار جاسم عبد مراد) كانت الطائرات محملة بحمولة (4×500) كغم قنابر انفجار عالي+(2×800) كغم خزانات وقود اضافيه +(2×80=160) طلقه مدفع رشاش (30) ملم, تم شرح تفاصيل الواجب بكل دقه إلى رقم (2) من بداية التشغيل والإقلاع وخط الرحلة وضرب الهدف والرجوع إلى القاعدة والنزول فيها.
5.اقلع التشكيل بسلام والدوران يمينا باتجاه منطقة (الدير)(358°) والوقت (ثلاث) دقائق والسرعة (900) كم / ساعة والمسافة (45) كم, بعد الوصول إلى منطقة (الدير) تم الدوران إلى جهة اليمين باتجاه (060)° والوقت (سبعة عشر ) دقيقة والمسافة (260) كم , وبارتفاع منخفض (15 – 20) متر , بعد عبوري النقطة الاولى منطقة (الدير) كانت الارض منبسطة ولا توجد فيها اي عارضه ارضية الا ان هناك بعض اعمدة اسلاك الضغط العالي وبعد الاستمرار باتجاه الهدف بدأت الارض متموجة وحتى الوصول إلى سلسله الجبال الاولى بدأت الجبال شاهقة ثم السلسلة الجبلية الثانية والثالثة , انتهى الوقت المحدد للوصول الى الهدف ولم اشاهد اي اثر لمحطة (الكهرباء) فقررت التقدم إلى الامام بحدود (ثلاثون) ثانية لقطع مسافة (7,5) كم محافظا على سرعتي واتجاهي , وقلبت طائرتي ونظرت أسفل الوادي العميق السحيق فشاهدت (اعمدة الضغط العالي ) , تم الدوران إلى جهة اليسار وأصبحت اطير فوق الأعمدة بين سلسلتي الجبال الثانية والثالثة وتقدمت إلى الامام فشاهدت مدينة (صغيره)على سفح الجبال والى جهة اليسار ثم تقدمت إلى الامام فشاهدت (محطة الكهرباء) بيميني ففرحت فرحا شديدا وما اجمل هذه اللحظات وأسعدها عند وصولي إلى الهدف والمحاط بسلسلة من الجبال الوعرة وفي الوادي السحيق تم تطويق الهدف بمسددة طائرتي ثم الضغط على زر القاء القنابر وكلمة(الله) فقد اصيبت المحطة اصابة مباشره ودمرت تدميرا كاملا وشاهدت اعمدة الكهرباء تتناثر الى الاعلى في الجو, خرج التشكيل من منطقة الهدف بسلام .
6. بعد مضي ( دقائق) قليلة من ضرب الهدف نادى رقم (2) فقال لي (سيدي سوف اقذف خزانات الوقود الإضافية لكونها فارغة) فقلت له (لا لا تقذفها ولا يستوجب ذلك) ,كان رقم (2) خلال هذا الواجب مشدود الاعصاب ومتوتر وكان يطير بارتفاع منخفض جدا وفي بعض الاحيان اقل ارتفاعا من قائد التشكيل في الاراضي المنبسطة فنبهته مرات عده خلال هذه الرحلة وخاصة في طريق العودة , كان اتجاه العودة للقاعدة (236)°و المسافة ( 260 ) كم والوقت (خمس عشر دقيقة) لان سرعة الرجوع اكثر من سرعة الذهاب , رجع التشكيل ونزل بسلام والحمد لله , وعند النزول ولقائي برقم (2) (تم تنبيهه من قبلي بشكل حاد وبعصبية بعدم تكرار هذه المخالفات والطيران اقل من قائد التشكيل وفي حالة تكرارها سوف اوقف طيرانك ) فقال لي (سيدي ان شاء الله لا تتكرر) كان فرحي شديد بعد وصولي للهدف وتدميره تدميرا كاملا , كنت فخورا بهذا الانجاز العظيم والعظمة لله الواحد الاحد , استقبلني امر القاعدة وكان فرحا سعيدا وبشاشة وجهه ظاهرة عليه استقبالا حارا وحمد الله على سلامتي واشاد بهذا الانجاز, كانت طائرتي المرقمة (2158) والوقت الكلي (40) دقيقة , صدر بيان رقم (64) صادر عن القيادة العامة للقوات المسلحة المادة (2) الفقرة(ب) أولا.
لقد كنا هكذا ننفذ الواجبات القتالية في عمق الاراضي المعادية ونبحث عن الاهداف حتى يتم مشاهدتها وضربها وفي حالة عدم الوصول للهدف لاي سبب فيجب على قائد التشكيل اختيار وايجاد هدف اخر ثانوي ويقوم بضربه , كل هذه الانجازات توفيق من الله العزيز الجبار .
ملاحظة
اتضح فيما بعد ان الخرائط التي ننفذ الواجبات عليها قديمة ويوجد فيها اخطاء ويجب تحديثها سنويا ولهذ ظهر اختلاف في موقع الهدف وبحدود (15) كم تقريبا والى جهة اليسار .
عبد الرحمن العبيدي
الاحد 2 تشرين الاول 2016
التعليقات
لقد ابدع صقور السوخوي بصورة عامة في الوصول لاهدافهم رغم قلة المعلومات الاستخبارية وقدم الخرائط وهذا حدث منذ الضربة الجوية الشاملة الاولى في 22 ايلول 1980 ورغم ان الطائرات الروسية لاتساعد الطيار بالمرة في الوصول لهدفه ولذلك انا اعذر ممن لم يتمكن الوصول لهدفه قبل هذه الضربة الموفقة خاصة عندما يكون الارتفاع واطي جدا والاجواء رديئة بمدى رؤيا قليل مما قد يعرض التشكيل الى الدفاعات الجوية المعادية وقد حصل هذا في مناسبات كثيرة مع تشكيلاتنا المغيرة لاهدافها المعادية … الصقر عبد الرحمن هو حصيلة ايام شاقة من التدريب القاسي لاسراب السوخوي وعليه تمكن من الوصول باتخاذ اجراءات ذاتية مكنته من الوصول لهدفه بارك الله فيكم عزيزي ابا ربيع المحترم
اترك تعليقك