اللواء الملاح الركن المتقاعد

فيصل حمادي غضبان

المتعارف في القوة الجوية تمنح أسماء رمزية خارج الاسم والنوع لكل طائرة بالاضافة الى تسميات تعتبر محليه داخل الاسراب وفيما يخص الطائرات القاصفة سميت (  طائرة الباجر TU16 خديجة ، طائرة TU22 حوت الجو ، طائرة B6D سفينة نوح ).

١. دخلت قاذفة الصواريخ الصينية B6D  والمسلحة بصاروخين C601 سلك ورم ( دودة القز ) وزن الصاروخ  ( ٢،٥ طن وبراس تفجيري زنة ٥٧٦ كغم ) الصاروخ مضاد للاهداف البحرية الثابته والمتحركة وبنظام القيادة الذاتية fire and forget بعد اطلاقة من الطائرة بمدى ١٠٠ كم عن الهدف بارتفاع  طيرانه ١٠٠ متر وسرعة 0.9 ماخ..تكامل استلام الطائرات الاربعة شهر إذار ١٩٨٧ ودخلت العمليات البحرية يوم ٢٢ نيسان ١٩٨٧ حتى نهاية الحرب..قال لي مدير معمل انتاج الطائرات الصيني ونحن بصدد استلام الطائرة الاخيرة وخلال تسليمه لي صورة السلاح ( نحن صنعنا الطائرة ولكننا لم نستخدمها بعمليات قتاليه واليوم اصبحت بيدكم وانتم اهلا لها ففعل السيف بقوة قبضة الذراع ).

٢. استمر استخدام الطائرة اتجاه اهداف بحرية ثابته ومتحركة في جزيرة خرج ومحيطها حتى قرار قيادة القوة الجوية بالذهاب ابعد من ذلك وفي عمق الخليج العربي على جزيرتي ( لاڤان شيخ شعيب ، جزيرة سري ..بالاضافة لعمليات الصيد الحر )

٣. أنا لم اكن اكفئ واشجع واكثر وطنية من رفاق السلاح بل  تسلسلي في ذيل القائمة وقد شائت الصدفة ان اكون أول منفذي هذا الواجب بمعية طاقم الطائرة الاخرين كان عملنا تكاملي ولن ينفرد احد بذلك دون غيره..تم استدعائي الى عمليات القوة الجوية يوم  ١٧ أيلول ١٩٨٧ أوجزت من قبل هيئة الركن وتم تسليمي الشفافة المرفقة كان الهدف جزيرة لاڤان التي تبعد  ذهابا عن قاعدة تموز الجوية ١٥١٦ كم منها داخل الخليج العربي من جزيرة فيلكة الكويتية ٨٧٠ كم ومثلها أيابا  وقت الطيران الكلي داخل الخليج  ثلاثة ساعات  وسبعة عشر دقيقة .

٤. واجهت الواجب معاضل قبل الاقلاع وبعده تم تجاوزها بقدرة الله وجهود الطاقم منها تطلب الاقلاع بوزن اضافي ٥ طن لتغطية المسافة وكما هو معروف ان ذلك خارج المحدوديات وضوابط سلامة الطيران  اعتمدنا على معلومة في كتاب استخدام الطائرة بالحالات القصوى التي تبيح ذلك بظروف مشروطة منهادرجة الحرارة واتجاه وسرعة الريح تكون امامية ١٠٠٪؜ اضافة الى طيار ذو خبرة وكفاءة عاليه ولكن  يكمن الخطر فيما لو انطفئ احد المحارك لم تستطع الطائرة اكمال الاقلاع وحتماً ستتحطم …قبلنا بتلك وانتخى معنا الحديد  وارادة الله فوق الجميع كان قائد القاعدة اللواء الطيار الركن علوان العبوسي مع مجموعة من الاخوة في برج السيطرة نسمع توجيهاتهم ودعائهم..تجاوزنا ذلك وكانت الظروف الاشد امامنا  المتمثله بتواجد الأسطول الخامس الامريكي في الخليج والذي أصيب بانتكاسة عندما دمرت الفرقاطة ستارك من قبل طائرة اليرموك العراقية والتي تم تحويرها من قبل مهندسين وفنيين عراقيون قتل بالحادث ٦٧ ضابط وجندي امريكي على ضوء ذلك وضعت سياقات بين القوة الجوية العراقية  والاسطول الخامس لتفادي الاحتكاك وتجنب الاحداث الغير مقصودة  وبالنظر لكون الواجب هو الاول بعد تدمير الفرقاطة ستارك كان القلق والحذر هو السائد بين الطائرة والاسطول ومن اشد التحذيرات التي تلقيناه  من قبلهم ان لم تكن بمسافة ١٥ ميل عن القطع البحرية ستعامل كعدو وان لم تجب بعد ثلاث نداءات عليك العودة..كان بداية دخول الخليج من  جزيرة فيلكة الكويتية بارتفاع طيران ١٠٠ متر وسرعة طيران ٦٠٠ كم  /ساعة ومع هذه المسافة حلقت الطائرة بسواحل ( الكويت ، السعودية ، قطر ، البحرين ، ولامست حدود الامارات العربية من اقرب نقطة..نفذ الواجب بدقة بالرغم من كل المعوقات  والظروف التي واجهتنا في بيئة عمليات معقدة تداخلت فيها القطع البحرية الامريكية والسفن التجارية وحتى الاتصالات الجوية من قبل الطيران المدني ونحن مع هذه الظروف والمسافات البعيدة لا يوجد تواصل مع قاطع الدفاع الجوي الثالث..وبما اننا نعلم بحالنا كان لنا رفاق سلاح على الارض  لن يتنفسوا الصعداء الا بعد ندائنا نحن الان في طريق العودة فوق ( الشقيقة  ) المقصودة الكويت ..في تلك اللحظات نتذكر ماكان في جيوبنا حيث اعتاد قائد القاعدة اللواء الطيار الركن علوان العبوسي ان يعطينا لكل واحد( ٤ قطع جكليت ماكنتوش الاصلي من العلبه التي يحتفظ بها في القاصة خصيصاً لنا  الغايةلتحسين البصر ليلا ) وعندما  نريد اخراجها وجدناه قد  ذابت من شدة حرارة المقصورة التي قد تتجاوز ٤٠ درجة مئوية علماً ان الطائرات الروسية لايوجد فيها تبريد كما هي الطائرات الغربية …واستمرت المسيرة وانطوى الزمن بكل ماله وما عليه وكان هدفي من هذا الايضاح لاقول ان كتابة التاريخ تتطلب الصراحة حتى وان كانت محرجة لان الغاية نقل الحقيقة لكي تساعد الاجيال للاستفادة من الدروس التي مضت سلبا او ايجابا ومن الضروري الاعتراف بالسلبيات والاخطاء حتى وان كانت محرجة واخيرا اقول ان الحرب اقذر ادوات السياسة وان الخاسر الوحيد هو الجيش ان انتصر او خسر المحصله ان السياسة تتوضئ بدم وعرق المقاتلين لتنسب النصر لها  وتتمرجح على جثامين الشهداء لتتبرء من الهزيمة المجد والخلود لشهداء القوات المسلحة والرحمة لروح الاخ ابو فهد اللواء الطيار موفق عبد الواحد الزهيري قائد الطائرة والعمر المديد لافراد الطاقم (  شكراً سفينه نوح B6D عندما كسرتي سكون موجات الخليج حينما  تمرجحتي فوقها  بفخر كما ارعبت في تلك الليلة اقوى قوة غاشمة ترسوا على شواطئ العرب..وأحتضنتينا بدفئ وحنان كما هي الام التي تچثوا على رضيعها لتحميه من الحريق…كما اخاطبك أيها الحديد الذي دمرك العدوان الامريكي ومن تحالف معهم من العرب ليلة ١٦ / ١٧ / ١٩٩١ لتتكشف عوراتهم بعد ان هدموا جدار الصد القومي الذي كان يحتموا به وان مايدور اليوم من احداث تثبت في الليلة الظلماء يفتقد البدر ).