هكذا وجدتهم صقور الهجوم الارضي النقيب الطيار صالح عياش
22 أغسطس , 2015بقلم الدكتور/ اللواء الطيار الركن علوان العبوسي
النقيب صالح عياش أحد طياري السرب الخامس الابطال، كنت آمره في السرب المذكور منذ عام 1976 عندما كان في دورة على طائرة سوخوي 20 وبعد مضي سنة على التحاقه واكماله الدورة في عام 1977 حدث له حادث بسبب هبوط سحب المحرك الى الدوران البطئ واستقراره دون تغيير رغم الاجراءات الاصولية التي قام بها هذا الطيار، كنت أثناء الحادث في طلعة تدريبية، أخبرتني السيطرة الجوية بأن الملازم صالح لديه عطل وهو يطلبني على قناه التقرب العام الراديوية وبسرعة تم التحويل على هذه القناة وبدأ الملازم صالح يشرح العطل والذي مضمونه فقدان سحب المحرك وكان ارتفاعه (5000) خمسة الاف متر والطائرة في حالة فقدان سريع للارتفاع للسبب المذكور اعطيته اجراء معين الا ان هذا الاجراء لم يجد نفعاً لكونه يحتاج الى وقت أطول أوعزت له باطفاء وتشغيل الطائرة ففعل ولكن سحب المحرك لم يتغير وفي لحظات قليلة بلغ ارتفاعة (1000) متر والطائرة في حالة انحدار والمفروض في مثل هذه الحالات أن يغادر الطيار طائرته عند تجاوزها (3000) ثلاثة الآف متر كان الملازم صالح يرغب أن يحاول مرة أخرى بعد أن أجتاز ارتفاع (1000) متر ناديته بصوت عال جداً أن يغادر الطائرة (BALL OUT) ولكن صالح لا يرغب بالقذف خوفاً على طائرته التي أحبها وهو ينوي الهبوط بها في ارض مستوية قرب القاعدة وهكذا أصبح ارتفاعة 500 متر كل هذا في الحقيقة تجاوز للخطوط الحمر التي لايفترض أن يتجاوزها الطيار وليس هناك نظام للهبوط الاضطراري بقوة محرك (صفر) لأن معدل انحدار الطائرة عال جداً يبلغ أكثر من 60م/ثانية، وهكذا بعد محاولات عديدة غادر صالح الطائرة في اللحظات الأخيرة والتي كان يأمل أن تعود طائرته الى حالتها الطبيعية ولهذا السبب كان سقوطه قريباً من الطائرة وارتطامه بالارض كان شديداً مما أحدث لديه انكباس بالفقرات العنقية والقطنية اُرسل على اثرها الى مستشفى القوة الجوية للعلاج، وبعد فترة قصيرة من العلاج الفيزياوي والنقاهة عاد سليماً معافى يمارس الطيران مع زملاءه برغبة شديدة.
شارك في الحرب مع ايران بالعديد من الطلعات القتالية كان خلالها خير مثال للطيار المقاتل الذي يذود عن حياض الوطن بكل غال ونفيس، صادف أن استخدم النقيب الطيار صالح عياش في قاعدة فرناس الجوية في محافظة الموصل مع السرب الخامس وفي آثناء تنفيذه لأحد الواجبات القتالية في ايران بتاريخ 17 ت1 1980 اصيبت طائرته نتيجة كمين من وسائل الدفاع الجوي الايراني قذف على اثره من طائرته السوخوي22 قرب المثلث العراقي التركي الايراني وللمقاتل صالح قصة طريفة بعد أن لامست قدماه الارض واعتقد شاهدنا ذلك من خلال شاشة التلفزيون للفلم الذي امر بأنتاجه السيد رئيس الجمهورية آنذاك والذي مثل دور البطولة فيه النقيب صالح شخصياً وملخص ذلك ان المومى اليه بعد قذفه من الطائرة في المنطقة المنوه عنها آنفاً وجد نفسه وحيداً والساعة قاربت السادسة والنصف مساءً استمر في سيره بأتجاه الغرب 270 درجة ريثما يصل الى منطقة قريبة من مناطقنا الحدودية حيث صادفه عدد من الاكراد اوصلاه الى موقع محدد وتركاه وحيداً ثم صادفه آخر كاكه محمد عبدالله حيث آواه في داره وقبل ذلك سأله ليتأكد من هويته (انت كاكه صدام لو خميني) يقول المقاتل صالح كنت حائراً في جوابي ماذا اقول له وانا لااعرفه وقررت ان اترك ذلك على الله وعلى الحظ وقلت له كاكه صدام وانا حذر من رد فعله ولكن فجأة تبدلت ملامحه ورحب بي وبعد يومين من الراحة في داره اوصله الى القاعدة الجوية في الموصل ومنه الى قاعدتنا في كركوك حيث اُستقبل استقبالاً حاراً ومنح اجازة للراحة واجراء بعض الفحوصات الطبية الضرورية.
بعد ان استقر الحال بالنقيب صالح واخذ قسطاً من الراحة اُرسل الى خارج القطر (جيكوسلوفاكيا) للعلاج وبعد شهرين عاد سليماً معافى ومارس الطيران بصورة طبيعية مع توجيه من لجنة الفحص بعدم اشراكه بالواجبات القتالية التي يزيد فيها السحب عن (3 GN) ولاسيما في المواقف المحرجة كالمطاردة او القصف بزوايا حاده.
صادف ان نقل السرب الخامس الى قاعدة الوحدة الجوية في محافظة البصرة لكي يستبدل السرب 109 هناك وفي هذه الاثناء اشترك السرب المذكور بمعارك الشوش في اذار 1982 وهكذا شارك النقيب صالح عياش في العديد من الطلعات القتالية وكان دوره مميزاً فيها وكما عهدناه دائماً وفي يوم 23 اذار 1982 واثناء تنفيذه لواجب قتالي ضد القوات الايرانية المهاجمة اُسقطت طائرته في المناطق القريبة من قطعاتنا وتمكن من النجاة باستخدام كرسي القذف وقد حاول المومى اليه الهرب بأتجاه قطعاتنا الا ان تواجد حرس خميني بالمنطقة منعه من ذلك وطاردوه واطلقوا النار عليه واصابوه في منطقة الحوض وحملوه معهم داخل ايران وهكذا تمكن العدو من اسر هذا البطل المقاتل الفذ بعد ان نفذ العديد من الطلعات بلغت (65 طلعة قتالية) في فترة قصيرة من الحرب لقد قضى المقاتل صالح 7سنوات في الاسر عاد بعدها الى الوطن وقد زارني في داري مع بعض الطيارين الابطال (الرائد الطيار محمد حميد طه والملازم الاول الطيار محمد طاهر والرائد الطيار فائز فتحي وغيرهم) وكان هو صالح عياش لايزال يبحث عن الطيران ويريد ان يطير رغم العوارض التي تركت آثارها على جسمه…
قابلني عندما كنت معاون قائد القوة الجوية الاداري يريد ان يتوسط لدى قائد القوة الجوية الفريق الطيار الركن مزاحم صعب حسن لكي يعيده الى الطيران فلا تزال لديه الرغبة للطيران وكان يقول سيدي لم اشبع من الطيران بعد ومع ذلك فقد مارس الطيران في نادي الشهيد عدنان وعندما تسأله لم كل هذا يجيبك لم اتمكن من اشباع رغبتي بالطيران ، لازلت حتى الان التقي بهذا البطل الذي يعمل في ورشة حدادة ورثها عن والده رحمه الله، بارك الله بالبطل صالح عياش وجميع ابطال الهجوم الارضي الشجعان.
التعليقات
بارك الله بك سيدي علوان العبوسي على سردك وتوثيقك لانجاز احد ابطال قوتنا الجويه وهو واحد من كثير جمعهم حب الوطن وخدمته كل حسب اختصاصه .وما اصرار البطل صالح على المضي بتقديم حياته قربانا الى هذا الوطن الا دليلا على التربه الصالحه التي تربى عليها .فاين نحن الان من ابطال الامس والذي حز في نفسي ونفس كل من سيقرأهذا المقال هو نهايته في محل حداده وكان من المفروض ان يكرم باحسن راتب تقاعدي ليرتاح بعد التضحيات التي قدمها لهذا البلد .فمن احق برفاهيه التقاعد من هؤلاء الابطال ؟ادعوا من الله ان يعود الحق الى نصابه ويحفظكم من كل شر .ودمتم
اشكرك عزيزي sky falcon على نشر بعض من سيرة هذا الصقر الشجاع مع محبتي
اترك تعليقك